الكثير من الأشخاص المهتمين بمجال تكنولوجيا المعلومات حول العالم ، لا يفرقون بين نواة لينوكس و توزيعة لينوكس و هذا لا ينطبق على المحترفين منهم لأنهم يدركون جيدا الفرق التقني بينهما .
لذلك سنحاول في هذه التدوينة اليوم أن نزيل جميع المفاهيم المغلوطة عن النواة و التوزيعة لكي يستقر المعنى الحقيقي لكل منهما في أذهاهنا .
تاريخ إنشاء نواة لينوكس :
بصفة عامة نواة أي نظام تشغيل هي همزة الوصل اللتي تضمن الاتصال المباشر بالعتاد و إستغلاله بالطريقة المثلى و تضمن أيضا تحميل النظام بالكامل و تنفيذ العمليات فيه و إدارة المداخل و المخارج .
و لكي نتعرف على المفهوم الحقيقي لنواة لينوكس لابد لنا من أخذ خطوة إلى الوراء كي نعرف تاريخ منشأها أولا .
نظام يونكس UNIX هو المنطلق :
كانت البدايات في عام 1973 مع نظام التشغيل يونكس UNIX اللذي يعتبر النظام المفضل للهاكرز بالمعنى الإيجابي في ذلك الوقت ، و اللذي كان من تطوير كل من كين تومسون Ken Thompson و دينيس ريتشي Dennis Ritchie في مختبرات بيل Bell Labs .
و لقد تمت برمجة يونكس بلغة ال C لضمان عمل هذا النظام على أي نوع من الأجهزة بحث يكون مستقلا عن العتاد .
و لقد كان الطلب على يونكس كبيراً جدا بعد ما قامت بإشتراءه شركة AT&T مما جعل توفير الدعم الفني أمراً صعبا لذا قامت بإطلاق الملف المصدري له source code في الجامعات و مراكز البحث العلمي والجمعيات غير الربحية .
و لأن الملف المصدري موجود فلا ضرورة لتقديم دعم فني ” فقط للنظام الخامس system V و طبعا وفق رخصة غير حرة ، أي أنه لا يزال ملك لهم ولا يمكن لأحد التعديل فيه بدون إذن خطي منهم ” .
هذا الإصدار الخامس قد تم إنتاج أشباه كثيرة له من أكثر من شركة ، وكان من بينهم مشروع BSD واللذي كتب بطريقة مختلفة ، ثم تم وضع معايير POSIX التي تسير عليها كل الشركات و التي يسمح لها بتطوير هذه الأنظمة .
و لقد ظهر الكثير من مشتقاتها مثل AIX من IBM و HP/UX و SunOS أو Solaris و SCO UNIX و Xenix من مايكروسوفت وكانت هذه الأنظمة مكلفة جداً لميزانية الدولة و اقتصرت فقط على مراكز البحث العلمي والجامعات والأجهزة العسكرية .
نظام جنو GNU و بزوغ فجر لينوكس :
كانت فلسفة يونكس تعتبر دائما أن نظام التشغيل مقصور فقط على الأجهزة الخارقة ومن يستطيع صناعتها أو شراءها من كبار الشركات و اللذي يشترط استخدامه بتوقيع إتفاقيات عدم المكاشفة Non-disclosure agreement ، و هذا ما دفع بريتشارد ستالمان Richard Stallman من معهد مساشوستس للتكنولوجيا MIT في مختبر الذكاء الصناعي في الثمانينات ليطور نظاماً حراً و مفتوح المصدر يحقق فلسفة المعهد اللذي كان يؤمن بها .
أطلق على هذا النظام إسم GNU وهي اختصار ل GNU is Not Unix أي جنو ليس يونكس و بهذا نعرف أن GNU هو بديل عن أدوات نظام يونكس .
بدأ ريتشارد ستالمان بمحرر النصوص و مفسر لغة lisp المسمى EMACS ثم تفرغ لعمل منظمة FSF اللتي إلتحق بها آلاف المبرمجين لإكمال تطوير هذا النظام اللذي تم إنجازه فعليا .
ولكن لم يكن هذا المشروع يطمح لعمل نواة نظام التشغيل kernel بل كان بهدف تطوير أدواته فقط مثل : مفسر الأوامر shell و المصنف compiler و محرر النصوص Text editor إلخ .
ظهور نواة لينوكس و بداية تغيير العالم :
في سنة 1991 بدأ الطالب الفنلدي لينوس تورفادليز Linus Torvalds من جامعة هلسنكي Helsinki في العمل على تطوير مشروع لبرمجة محاكي للطرفية Terminal emulator مستخدما في ذلك نظام التشغيل MINIX .
و لقد تطور المشروع لاحقا ليصل إلى برمجة نظام تشغيل بالكامل و الحافز اللذي لطالما كان يحرك فيه روح المضي قدما نحو هذا الهدف هو أنه كان يمتلك حاسوبا غير مدعوم بنظام تشغيل و اللذي قال عنه ذات مرة :
“ماذا تفعل إذا كان لديك حاسوب غير مدعوم من نظام التشغيل؟ أتبرمج نظامك بنفسك ! ” .
نظام التشغيل هذا الذي أسسه لينوس كان إسمه في الأول FreaX ومن ثم قام بتغيير إسمه و أصبح لينوكس ليتفوق ليس فقط على الأنظمة العادية بل و على أنظمة يونكس الأخرى اللتي كانت تكلف ميزانية دولة كما ذكرنا سابقا ، ثم وضع ملفات نواة لينوكس على الإنترنت في سنة 1994 و تم مشاركتها مع الآلاف من المبرمجين من مختلف أرجاء العالم .
لكن ماهي العلاقة اللتي تربط مشروع GNU بنواة لينوكس ؟
لقد عرفنا الآن أن الهدف الرئيسي لمشروع لينوس تورفادليز بالأساس هو برمجة نواة نظام التشغيل فقط ، والتي سماها لينوكس ، أما مشروع GNU ، كان يهدف إلى تطو ير برامج حرة مثل برامج النسخ و اللصق و الحذف و غيرها من العمليات الأساسية المشهورة على الملفات و المجلدات و كان ذلك بعد كتابة برامج جديدة تعوض تلك التي كانت تستخدم في UNIX .
إن الدمج اللذي حصل بين هذين المشروعين هو اللذي أخرج لنا اليوم ما يسمى بنظام التشغيل لينوكس أو بالأصح نظام التشغيل جنو/لينوكس GNU/Linux .
إذن للحوصلة :
- مشروع لينوس تورفالديز يسمى : نواة لينوكس LINUX KERNEL .
- مشروع ريشارد ستالمان يسمى : جنو GNU .
- مشروع الدمج بينهما يسمى : جنو/لينوكس GNU/Linux أو كذلك نظام التشغيل لينوكس .
الآن إذن ماذا نعني بتوزيعة لينوكس ؟
إن لينوكس هو عباره عن نواة نظام تشغيل وليس نظام تشغيل متكامل ، و بدمجه مع مجموعة أدوات مشروع جنو نحصل على نظام تشغيل .
ولكن نظام جنو/لينوكس لا يفي حاجة المستخدم العادي لجهاز الكمبيوتر إذ لابد من إضافة بعض البرمجيات مثل OpenOffice و بيئة سطح مكتب مثل Gnome و Unity و KDE و LXDE و MATE و CINNAMON حتى نحصل على نظام تشغيل يصلح للقيام بالأعمال اليومية الروتينية .
و من هنا ظهر ما سيسمى بالتوزيعات ، حيث تقوم هذه التوزيعات بتجميع نواة نظام التشغيل لينوكس مع مجموعه من البرامج مفتوحة المصدر و برامج مشروع جنو و أدوات أخرى حسب الغرض من التوزيعة فمثلا هنالك توزيعات خاصة بالبرمجة و توزيعات خاصة بالإختراق و توزيعات للإستعمال العادي .
و لقد تم تطويرها لتناسب مجموعة معينة من المستخدمين ، فبعضها يدعم لغة ما و بعضها يعمل كجدار حماية و البعض الآخر يتميز بصغر حجمه كتوزيعة Lubuntu ، و تحاول بعض من هذه التوزيعات أن تكون مناسبة لشريحة واسعة من المستعملين وذلك لجذب أكبر عدد منهم وكسب ثقتهم .
إن أغلب هذه التوزيعات تلبي أغلب الإحتياجات و لكن مع وجود بعض الفروقات القليلة ، حيث أن بعضها يأتي مع أدوات تسهل عملية تثبيت النظام ، وبعضها يسهل العديد من المهام .
و على سبيل الذكر لا الحصر ، نذكر :
UBUNTU و MINT و FEDORA و KALI و العديد من التوزيعات الأخرى اللتي تجدونها على هذا الرابط :
مراجعة لأفضل توزيعات اللينوكس + روابط تحميل مباشرة
وفي النهاية و بعد كل هذه التوضيحات ، فمن الأصح أن نطلق إسم LINUX KERNEL على نواة لينوكس و GNU/LINUX على نظام التشغيل لينوكس و LINUX DISTRIBUTION على توزيعة لينوكس و ليس أن نطلق على كل شيء إسم لينوكس 🙂
Update : 2017-11-05 | By: iCoN.